تونس / آخر خبر اعداد : طفت منطقة البطّان الواقعة غرب طبربة من ولاية منّوبة على سطح الاحداث مؤخرا بعد مقتل أحد متساكنيها خلال العملية الأمنية والعسكرية التي شهدتها مدينة قبلّاط مؤخّرا على خلفية الاشتباك مع المجموعة الارهابية.
واستنادا الى ما تمكّنا من جمعه من معطيات مؤكّدة فانّ الشاب (الارهابي) الذّي لقي مصرعه خلال أحداث قبلّاط والذي يقطن في منطقة البطّان كان قد تعرّض قبل أيّام من الأحداث المذكورة الى ملاحقة أمنية مشدّدة أسفرت عن انقلاب سيّارته في مدخل مدينة منوبة ليتمكّن العنصر الارهابي من الفرار تاركا سيارته.
وبفحص السيارة (من نوع غولف 2) تبيّن أنّها :
*على ملك شقيقه الذّي يشتغل عون أمن ويقطن في البطان
*تمّ العثور على قطعة سلاح في السيارة التي تمّ حجزها
*تمّ التاكّد من انّ العنصر الارهابي وشقيقه الامني يقطنان في المنزل ذاته
جملة هذه المعطيات دفعت بالجهات الأمنية الى ايقاف عنصر الأمن عن العمل وفتح تحقيق داخلي فيه لمعرفة مدى ارتباطه بالشبكة الارهابية التي ينمتمي اليها شقيقه. ولكن هل انتهى الامر عند ذلك الحدّ ؟
الفوشيك : بداية الحكاية
يعيش أغلب التونسيين، وخاصّة متساكنو ولايات تونس الكبرى، منذ ما بعد شهر رمضان المنقضي على ايقاع الشماريخ التي يتمّ اطلاقها ليلا دون موجب.
ولئن اختلفت الروايات والتأويلات بشأن هذه الحادثة المثيرة والغامضة في آن، فانّ بعض أهالي منطقة البطّان وجدوا –من باب الصدفة – علاقة وطيدة بين حادثة اطلاق الشماريخ وبين توجّه عدد من شباب المنطقة الى منطقة فلاحية للقيام بأنشطة مشبوهة بعيدا عن أعين الناس.
وبعد فترة من المراقبة الدّقيقة تأكّد محدّثونا (بعض أبناء المنطقة) من بعض الوقائع المتلازمة وهي كالتالي :
*خلال "مهرجان" الفوشيك اعتاد الناس سماع موجة من الطلقات النارية التي يتمّ التغطية عليها بالاطلاق المكثّف للشماريخ التي يشبه صوت انفجارها الى حدّ بعيد صوت اطلاق النار.
*هنالك مجموعة من شبّان المنطقة يختفون عن الأنظار كلّما انطلق "مهرجان" الفوشيك ليظهروا لاحقا بعد الانتهاء.
جملة هذه المعطيات المريبة دفعت بنا للاستنجاد ببعض المصادر في المنطقة (أمنيون، طلبة، جُلّاس المقهى الخ) قصد مساعدتنا على رصد هذه الظاهرة وفكّ طلاسمها.
وقد تبيّن لنا بعد فترة من الرّصد أنّ هنالك مجموعة من الأشخاص، أغلبهم من متساكني المنطقة، يتراوح عددهم بين 15 و 20 شخصا دأبوا (ومازالوا الى حدّ كتابة هذه الاسطر) على الالتقاء بشكل يومي بعد الانتهاء من صلاة الصبح في مقهى على مُلك المدعو (خ.ج) ليصطحبهم بعد ذلك شخص يُدعى (م.ك)، معروف بانتمائه العضوي والايديولوجي لحركة النهضة، الى منطقة فلاحية تُسمّى وادي اللّوز حيث تمّ رصدهم من قبل موظّف في شركة عمومية وهم بصدد التدرّب على القتال بالاضافة الى الرماية.
وقد تولّى الموظّف المذكور رفع الأمر الى الجهات الامنية بالمنطقة الّا أنّها لم تحرك ساكنا.
منعرج الحكاية
لم تقف الحكاية عند مجرّد التبليغ فقد أسرّ شاهد العيان بما رأت عيناه الى أحد الكوادر الأمنية بالجهة فتولّى هذا الاخير بالاستعانة بشبكة من المتعاونين معه اجراء تحقيق في الأمر للتأكّد من مدى دقّة المعلومات التي أدلى بها الشّاهد، وقد جاءت نتيجة التحقيق كالتالي :
*قائد المجموعة ومدرّبها (م.ك) يحمل فكرا جهاديا وينتمي الى حركة النهضة حيث أشرف سابقا على حملتها الانتخابية في المنطقة. له شقيقان كانا يقاتلان في أفغانستان عادا بعد الثورة الى تونس ثمّ غادرا بعد ذلك حيث يُشتبه في أنّها قد التحقا بالجهاد في سوريا.
*المجموعة الجهادية تضمّ بعض العناصر المتورطة في أعمال عنف (شبّان شاركوا في أحداث العنف التي شهدتها كلية) الاداب بمنوبة في العام المنقضي) وأعمال ارهابية (العنصر الذي لقي مصرعه في قبلاط).
*سجّلت المنطقة خلال الآونة الاخيرة التحاق نحو 5 اشخاص غرباء يحملون الجنسية الليبية. وقد تمّ ايواؤهم بمنزل أحد المواطنين (سائق تاكسي يدعى ب.م) وبسؤاله عن سبب ايوائهم زعم أنّهم بصدد العلاج في مصحّة التوفيق. وقد اتّصلنا بالمصحّة المذكورة وتأكّدنا من عدم دخولهم مطلقا الى ذلك المكان ما يؤكّد زيف المعطيات التي تقدّم بها الشخص المعني.
وفي سياق ذي صلة تبيّن أنّ هنالك عددا آخر من الشبّان الغرباء عن المنطقة أصبحوا يتردّدون على جامع البطّان خلال صلاة الصّبح ليلتحقوا بعد ذلك بالمجموعة المذكورة ما يؤكّد وجود خطّة استقطاب صلب المجموعة نتج عنها التحاق منتَدَبين جدد.
وقد تمّ اعلام الجهات الامنية رسميا بهذه المعطيات منذ فترة غير أنّها اكتفت بدورية تقليدية لم تسفر عن كشف شيء على اعتبار أنّ المجموعة المذكورة عدلت عن التوجّه الى وادي اللوز في ذلك اليوم بالذات ما يؤكّد فرضية تلقّيها لمعلومات دقيقة حول الدورية المرتقبة.
أيّ علاقة بين البطّان وأحداث سيدي بوزيد
قد تبدو المعطيات التي أسلفنا ذكرها حول منطقة البطّان معزولة جغرافيا عن غيرها من الاحداث الاخرى التي شهدتها عدّة مناطق في البلاد غير أنّ بعض التسريبات الأمنية أكدت وجود علاقة وطيدة بين المجموعات الارهابية التي تمّ الاشتباك معها في قبلاط وسيدي علي بن عون وبين المجموعة التي تتدرّب في وادي اللوز بالبطّان.
وتؤكّد مصادر متقاطعة أنّ عددا من المنتسبين الى مجموعة سيدي بوزيد كانوا قد تلقّوا تدريباتهم الاولى في منطقة وادي اللوز.
ولا تنفي المصادر ذاتها امكانية أن تكون الجهات الامنية بالمنطقة متورّطة (سواء عبر التواطؤ المقصود او عبر الاستسهال) في التغاضي عن نشاط هذه المجموعة على اعتبار أنّ منطقة الأمن بالجهة تلقّت –وفق ما تمكّنا من توثيقه عبر الشهادات- بلاغات من مواطنين تلفت النظر الى وجود مجموعة متشدّدة دينيا بصدد التدرّب بعيدا عن انظار الناس على القتال واستعمال السلاح.
وبالتوازي ما حادثتي المرناقية والبطّان مازالت مناطق عديدة اخرى تقع على أطراف منوبة على غرار القبّاعة ودوّار هيشر وقصر السعيد وحي التضامن وغيرها تنتظر من ينفض عنها الغبار ويكشف الستار عن الخلايا الارهابية التي بدأت تبسط سيطرتها على تلك المناطق استعدادا للمرور الى مرحلة العمليات الميدانية وفق ما تؤكّده مصادر أمنية واستخباراتية ومدنية متقاطعة.
الى هذا المستوى تلوح ولاية منّوبة مرشّحة لاحتضان مسلسل "الشعانبي 2". وقد لا يطول انتظارنا كثيرا حتّى تطالعنا نشرات الاخبار بحصول عمليات ارهابية هنا او هناك أو تفكيك خلية ارهابية هنا وأخرى هناك او رفع الستار عن مخزن للأسلحة في هذه المنطقة او تلك من ولاية منوبة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق